الاثنين، يوليو 05، 2010

لماذا اللاعنف ؟


على رغم من إستخدام الشعوب على مدى الزمان لاساليب و مناهج النضال السلمي و المقاومه اللاعنيفه ضد الاحتلال الاجنبي و ضد الحكام المستبدين , الا ان هذا المنهج لم يتم وضعه تحت المجهر و البدء في تحويله الى منهج محدد ذي قواعد و أسس الا في مرحلة الثمانينيات من القرن الماضي تقريبا , بعد تكرار تجارب التغيير اللتي اعتمدت على الوسائل اللاعنيفه بدءا من غاندي في الهند و حتى الاطاحه بالنظام القرغيزي منذ أشهر معدوده .

على مدار التاريخ حاول العديد من الشعوب التخلص من حكامهم المستبدين عن طريق استخدام الوسائل العنيفه و الكفاح المسلح و حروب العصابات و ما الى ذلك , و كانت هذه المحاولات غالبا ما تفشل و حتى في حالات النجاح كانت الخسائر الماديه و البشريه في صفوف هذه الشعوب مريعة .

لماذا اللاعنف بدلا من العنف ؟
لان الحلول العنيفه تعني بكل بساطه هي نزول ملعب الخصم لمواجهته على ارضه و وسط جمهوره و قواعد اللعبه اللتي يحتكم بها " لعبة استخدام القوه " و فريقك مكبل الايدي و الارجل !!
حيث يتفوق الخصم تفوقا ساحقا في هذه العبه في قدرته على الحرب العلنيه و إمتلاكه للجيوش النظاميه و مخزونات لانهائيه تقريبا من الاسلحه و ما إلى ذلك .
هذا بالإضافه الى الى حجم الخسائر في الارواح اللتي تحدث وسط صفوف المقاومين و الشعب , و هي عامل لا يمكن الحد منه في الوسائل العنيفه .
كما أن النظام المستبد تكون لديه فرصه قويه في ادعاء شرعية القمع في حالة مواجهة كفاح مسلح بدعوى الحفاظ على الامن و حماية ارواح المواطنين و حماية وحدة البلاد و ما الى ذلك , و هذا ما لا يصدقه أحد في حالة مواجهة كفاح لاعنيف .
غير أن المجتمع الدولي يميل الى دعم الانظمه الحاكمه في حالات التمرد العسكري ايا كان نوع و طريقة حكم هذه الانظمه , على العكس من حالات الكفاح اللاعنيف اللتي يميل فيها المجتمع الدولي للتنديد بالنظام الحاكم اللذي يستخدم القوه و العنف أمام نشطاء مسالمين .

لماذا اللاعنف بدلا من إنتخابات يجريها النظام الديكتاتوري ؟
لأن إجراء النظام القابض على عصا السلطه لعمليه إنتخابيه يعيدنا الى نفس مربع اللعب في الملعب و فريقك مكبل الايدي و الارجل .
حيث يكون كل غرض النظام من إجراء عمليه إنتخابيه هو محاولة النصب على الشعب و على المجتمع الدولي لادعاء شئ من الشرعيه عن طريق اكتساحه لانتخابات مزوره من الالف الى الياء لا تمت للانتخابات بصله الا من حيث المسمى .
حيث يتحكم النظام تحكما كاملا في الجهات اللتي تتولي إجراء العمليه الإنتخابيه بدءا من لجان فرز جداول الناخبين مرورا بالجهات المشرفه على الصناديق إنتهاءا بقوات الأمن اللتي تحكم سيطرتها على دبيب النمل أثناء إجراء مسرحية العمليه الإنتخابيه .
بالتالي فلا جداول الناخبين مضمون صحتها و لا مضمون تمكن الناخب من الادلاء بصوته بدون تهديد أو خطر و لا مضمون صحة اوراق الاقتراع الموجوده داخل الصناديق و لا مضمون عملية فرز الاصوات الموجوده في الصناديق و اعلان الارقام الحقيقيه .
من المؤكد أن الأنظمة الديكتاتوريه لا تسمح أبدا تحت أي ظرف بإقامة إنتخابات نزيهه لأن النظام يكون متأكدا من الاطاحه به من خلال العمليه الإنتخابيه , و إجبار النظام على الاستسلام لمطلب الانتخابات النزيهه بكل ضماناتها لا يكون الا بعد الانتصار عليه في مواجهات واسعه من المقاومه اللاعنيفه و الضغط الدولي .

لماذا اللاعنف بدلا من إنتظار ضغوط المجتمع الدولي ؟
لان المجتمع الدولي يتكون من مجموعات من الدول و التحالفات اللتي تفكر في ضمان مصالح بلادها و حلفائها قبل أي شئ .
و غالبا ما يحرص الجكام المستبدين على الظهور في وضع حامي حمى مصالح الدول العظمى و يخدم مصالح تلك الدول بمنتهى الجد و الاخلاص ليقينهم من إنعدام وجود قواعد شعبيه أو دعم شعبي لهم , و أنهم بدون الدعم و الغطاء الشرعي من الدول العظمى ممكن تفكك سلطتهم و أنظمتهم عند أدنى قدر من المقاومه اللاعنيفه من قبل الشعوب .
اللحظه الوحيده اللتي من الممكن للدول الأجنبيه أن تسحب دعمها من النظام الديكتاتوري و تقوم بممارسة ضغط حقيقي لصالح الشعوب , هو وجود قوة مقاومة لاعنيفه قادره و تشكل تهديدا حقيقيا على النظام الحاكم و وجود مؤشرات قويه على قرب إنتصار المقاومه .
لأن في هذه الحاله إستمرار دعم الدول الأجنبيه للنظام المشرف على السقوط يعني فقدان تلك الدول لعلاقتها نهائيا بهذا البلد بعد إنهيار النظام مما يشكل تهديدا حقيقيا على مصالحها.

التدوينه مبنيه على رؤيه من كتاب " من الديكتاتوريه إلى الديمقراطيه " ل جين شارب