الجمعة، يونيو 15، 2012

عن التكويش

أريد أن أتحدث عن نقطة واحدة محددة بدون الغوص في تفاصيل كثيرة تزيدنا تيها عما نحن فيه من تيه .
بداية أحب أن أقول أني متفق مع أن الإخوان جماعة إنتهازية لا هم لها لها سوى الوصول للسلطة و الإحتفاظ بأكبر قدر ممكن منها بأي ثمن , و أنهم أول من شق الصف الثوري و بدأ مرحلة التشرذم أثناء الحشد للإستفتاء , و أنهم قد باعوا الثورة و الثوار في أوقات كانت الثورة بأقصى الحاجه إلى مساندتهم أو على الأقل وقوفهم على الحياد لكنهم عوضا عن ذلك قد وقفوا مع العسكر في خندق واحد ضد الثورة طوال العام الماضي تفضيلا لمصالح الجماعة على مصالح الوطن و الشعب المصري .... إتفقنا ؟ إتفقنا .

مع كل ما سبق و وجود السلطة التشريعية كاملة في يد الإخوان و من والاهم كان إنتخاب مرسي في جولة الإعادة من باب الخوف من الفاشية العسكرية ضرب من جنون , لأن الوضع كان إختيارا بين فاشيتين إما عسكرية و إما دينية . فلديك فصيل ديني فاشي يسيطر على البرلمان و على لجنة تشكيل الدستور سيطرة كاسحة لا يقبل و لو للحظة بارتخاء قبضته عن الأغلبية اللتي تضمن له تمرير ما يريد بحيث يتحول أي تصويت إلى إجراء شكلي لتمرير ما تأخذه دار المسنين في المقطم و السادة العلماء الإرهابيين و الظلاميين من قرارات .
و على الجهة الأخرى لديك نظام كامل متراص كالجدار لم تسقط الثورة منه سوى أعلى " سطر " من الطوب و ليس كله أيضا , نظام يهيمن على السلطة التنفيذية و القضائية هيمنة كاسحة بقبضة ربما تكون أقوى من قبضة مبارك و تقف وراؤه كل الأجهزة الأمنية في البلاد و كل فلول النظام السابق / الحالي بكل ما تملكه من أموال و أبواق و ميليشيات بلطجية إلى آخره .
كان الإختيار فعليا بين السقوط في هوتين .

و لكن حدثت نقطة تحول بالأمس عندما حكمت المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون العزل و بحل البرلمان اللذي تسيطر عليه الفاشية الدينية و الحكمان لصالح مرشح الفاشية العسكرية , و بالطبع هذا ليس في إطار دولة المؤسسات و ما إلى آخر هذا الهراء , و لكنه في إطار الصراع على " التكويش " على مفاصل السلطة بين الفاشيتين .

الآن و قبل الإنتخابات بأربع و عشرين ساعة أصبح لدينا قراءة جديدة للموقف , فلم يعد هناك فاشيتين تتصارعان على قمة هرم السلطة , بل أصبح هناك فاشية عسكرية تحتل كل الهرم السلطوي كاملا , و لا توجد فرصة لمنازعتها حاليا في هذه اللحظة إلا على رأس الهرم من خلال جولة الإعادة , و هناك فاشية دينية خرجت من حل البرلمان " قفاها يقمر عيش " و هناك فرصة ما لإنتخاب برلمان ذي أغلبية مدنية و ثورية نظرا للتراجع الرهيب للإسلاميين في الشارع - و اللذي صب كله في كفة شفيق لغباء و نذالة حمدين و أبو الفتوح - و عدم وجود حزب فلولي يعبر عن العسكر على الخريطة حاليا و قادر على إنتزاع أغلبية , و الأمر لا يحتاج من الثوار و التيار المدني إلا القليل من إنكار الذات و التحول للعمل الجماعي المنظم و إن لم يحدث هذا بعد كل ما أخذناه من دروس فلا خير يرجى من هذه الثورة أو هؤلاء الثوار .

الآن أصبح الأمر خيارين واضحين , إما إستكمال هيمنة الفاشية العسكرية اللتي تسيطر على كل شئ أصلا , و إما إنتخاب أحمق كمرسي ممثلا عن الإخوان لنبدأ جولة جديدة من النزاع أعتقد أنها في صالحنا بدليل الأصوات اللتي حصل عليها مرشحو الثورة في الجولة الأولى .
الآن إما أن نستسلم تماما لتكويش العسكر إلى مدى لا يعلمه إلا الله , و إما أن نكسر حسابات العسكر المحكمة و ننتزع لأنفسنا فرصة جديدة ربما تكون الفرصة المثالية لتمكين الثورة مستقبلا .
الحديث الآن عن أن هناك خطر تكويش الإخوان على السلطة لم يعد هناك محل له و إنتفت أسبابه إلى حين الإنتخابات البرلمانية القادمة , فلا تتركوا البلاد لهيمنة العسكر و إختاروا أن نعطي مصر و أنفسنا فرصة مع الإستبن لمجرد كسر إستحواذ العسكر و مع رجاحة دخول الثورة إلى اللعبة في الإنتخابات البرلمانية , بينما لو فاز شفيق كلكم تعرفون يقينا أنه لن تكون هناك إنتخابات برلمانية أصلا و لو حدثت ستكون من عينة 2010 بعدما إنتهى فيلم العسكر المحايدون , و أصبحوا اللاعب الوحيد الموجود على الساحة .
ربما تقول لي و ما يضمن أن يقوم مرسي بإجراء إنتخابات نزيهة ؟ أقول لك ستكون نزيهة لأن قبضته على السلطة ستكون مرتخية و مترنحة على عكس العسكر , و لن يكون قادرا بأي شكل من الأشكال على تزويرها , و أقول لك أنه سيجري إنتخابات أصلا لأن الإخوان لا يفوتون فرصة لدخول السلطة من الإنتخابات لأنها لعبتهم و طمعهم سيعميهم عن ضعفهم في الشارع :)

و بناء على كل هذا قررت للأسف أن أنتخب السيد الأهطل مرسي موفد الإخوان , و حسبي الله و نعم الوكيل فيك يا أبو الفتوح انت و حمدين .