السبت، مارس 12، 2011

عن التعديلات الدستورية


أما و قد بقى اسبوع واحد فقط على موعد الاستفتاء على التعديلات الدستوريه , و الموقف لا يزال مبهما من جميع الاتجاهات تقريبا . فلا يقين هناك من إمكانية إجراء الإستفتاء وفق الظروف الأمنيه الغير مستقره بشكل كبير , و لا يقين من إمكانية تحصين العمليه من عمليات التزوير و التلاعب و التصويت المتكرر - على الأقل لم نرى ضمانات معينه أو إجراءات إستباقيه حتى الآن - , ناهيك بالطبع عن غياب التوافق على مبدأ التعديل الدستور مع إرتفاع أصوات المطالبه بدستور جديد .

ستصوت بنعم أم بلا ؟
هذا هو السؤال التقليدي اللذي يسأله الشباب المصري لبعضه البعض الآن , حيث تمكن المعارضون لفكرة دستور 71 من إيصال وجهة نظرهم - و هي وجهة منطقيه لها كل التقدير و الإحترام - من أن إعادة الحياة لمسخ دستوري كدستور 71 هي خطيئه في حق الثوره و مكتسباتها , حيث أن منطقيا و نظريا كانت الثورة على الدستور قبل أن تكون على أي شئ آخر .

تقوم فكرة التعديلات الدستوريه على إصلاح لبعض المواد المعيبة - و ليس كلها - في الدستور المصري السابق للثوره و المعروف بإسم دستور 71 , حيث تم إقتراح تعديل للمواد المتعلقة بشروط الترشح لفتره الرئاسة و طريقة إجراء الإنتخابات الرئاسية و وضع حد أقصى لأي رئيس بمدتين - 8 سنوات - و عودة الإشراف القضائي و أخيرا و ليس آخرا محاصرة قدرة الرئيس القادم على إعلان حالة الطوارئ و منعه من إتخاذ تدابير إستثنائيه بصفته رئيسا للجمهورية .
دعونا نستعرض وجهات النظر المختلفه حول الموضوع و السيناريوهات المستقبليه في كل حاله من حالات نتيجة الإستفتاء .

منح دستور 71 حياه جديده قصيره
هو أول السيناريوهات المطروحة و أكثرها مثالية و ميلا لإفتراض حسن النية في كل أطراف المعادلة , حيث يفترض هذا السيناريو موافقة الأغلبيه من الناخبين على تعديل دستور 71 ليقوم المجلس الأعلى للقوات المسلحه بإجراء إتخابات رئاسية و برلمانية طبقا لدستور 71 المعدل , و يلقى على عاتق الرئيس الجديد و البرلمان الجديد مهمة الدعوة لإنتخاب جمعية تأسيسية تقوم بإعداد دستور جديد لمصر يمثل شعب مصر الثورة .
يرى المؤيدون لهذا السيناريو أن مهمة إعداد دستور جديد للبلاد , ليس من اللائق أن تتم تحت سيطرة حكم عسكري و حكومة - حتى و إن كانت لديها قبول شعبي - غير منتخبة , فيرون أن من الأفضل أن يتم إجراء إنتخابات سريعا طبقا لدستور 71 المعدل , ليتسلم الحكم رئيس مدني منتخب و برلمان منتخب حتى يعود الإستقرار السياسي و الأمني و يعود الجيش إلى ثكناته و إلى مهامه الأساسية من حماية البلاد من الأخطار الخارجية . و تقوم السلطات المنتخبة بالقيام بعملية الإعداد لدستور الجديد في أوضاع مستقرة نسبيا عما نحن فيه الآن .
بينما يرى معارضو هذا السيناريو أن عودة الحياة لدستور 71 تعمي العودة بشكل أو بآخر إلى حياة ما قبل 25 يناير السياسية و إلى أن يكون الرئيس الجديد ذي سلطات واسعة لا زالت يعطيها له الدستور و لم تتطرق لجنة البشري إلى تعديلها أو تحجيمها , مما يضعنا في خطر نكوص السلطة القادمة عن عملية الإعداد للدستور القديم و مواصلة عمليات إعطاء جرعات الأكسجين لدستور 71 , و خصوصا بعدم وجود أي ضمانات حتى الآن بإجراء عملية الإعداد للدستور الجديد في عهد الرئيس الجديد .

التخلص تماما من دستور 71 و الشروع في إعداد دستور جديد
يرى مؤيدوا هذا السيناريو ضرورة التخلص من دستور 71 و ما يعطيه من سلطات خرافيه لرئيس الجمهورية و الشروع فورا في إنتخاب لجنة تأسيسية لإعداد دستور يلبي تطلعات الثورة , و إذا ما حدثهم أحد عن إمكانيية تعارض هذا مع الأوضاع الأمنيه الحالية فالرد يكون بأنه إذا كانت الأوضاع تسمح بدعوة الناخبين لإجراء إستفتاء على تعديل الدستور , فهي بالتأكيد تسمح بالدعوة الناخبين لإنتخاب الجمعية التأسيسية .
و بالنسبة لتعارض السيناريو مع محدودية زمن الستة أشهر اللذي أعطاه المجلس الأعلى للقوات المسلحة لنفسه حتى يسلم مقاليد السلطة لرئيس و برلمان منتخبين , فلديهم حل مقترح و هو تشكيل مجلس رئاسي أغلبيته من المدنيين و يوجد به ممثل للقوات المسلحة , و يقوم المجلس الرئاسي بإستكمال الطريق نحو الدستور الجديد و من ثم إنتخابات تجرى وفقا للدستور الجديد بعد إقراره .

إعلان دستوري أو دستور مؤقت
كمحاولة لإمساك العصا من المنتصف يتولد هذا السيناريو القائم على فكرة التخلص من دستور 71 المثير لحفيظة الكثيرين , و في نفس الوقت عدم التعجل بإعداد الدستور الجديد حتى لا تتأذى سلامة و نزاهة العملية نفسها .
يطرح السيناريو إستمرار وقف العمل بالدستور و إعتباره لاغيا و يقوم المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإصدار إعلان دستوري يتضمن البنود المهمة للفصل بين السلطات و إطلاق الحريات العامة و الحريات السياسية , و يعتبر هذا الإعلان بمثابة دستور مؤقت مما يلزم السلطة المنتخبة القادمة بالشروع في إعداد دستور جديد للبلاد فور تسلمها السلطة .

بالطبع هذا مجرد تلخيص لوجهات النظر الأساسية , و للحديث بقية لإستكمال وضع إفتراضات للمرحلة المقبلة بعد الإستفتاء .